شرح لمعة الاعتقاد
بحث في فضائل الخلفاء الراشدين
وأفضل أمته أبو بكر الصديق اسم> ثم عمر اسم> الفاروق ثم عثمان اسم> ذو النورين ثم علي اسم> المرتضى رضي الله عنهم لما روى عبد الله بن عمر اسم> رضي الله عنهما قال: كنا نقول -والنبي صلى الله عليه وسلم حي- أبو بكر اسم> ثم عمر اسم> ثم عثمان اسم> ؛ فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره.
وصحت الرواية عن علي اسم> رضي الله عنه أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر اسم> ثم عمر اسم> ولو شئت سميت الثالث. وروى أبو الدرداء اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رسم> ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر اسم> رسم> .
وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وسابقته، وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على تقديمه ومبايعته ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة.
ثم من بعده عمر اسم> رضي الله عنه لفضله، وعهد أبي بكر اسم> إليه، ثم عثمان اسم> رضي الله عنه لتقديم أهل الشورى له، ثم علي اسم> رضي الله عنه لفضله، وإجماع أهل عصره عليه، وهؤلاء الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: رسم> عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ متن_ح> رسم> وقال صلى الله عليه وسلم: رسم> الخلافة من بعدي ثلاثون سنة متن_ح> رسم> فكان آخرها خلافة علي اسم> رضي الله عنه.
فصل في العشرة المبشرون بالجنة.
ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رسم> أبو بكر اسم> في الجنة، وعمر اسم> في الجنة، وعثمان اسم> في الجنة، وعلي اسم> في الجنة، وطلحة اسم> في الجنة، والزبير اسم> في الجنة، وسعد اسم> في الجنة، وسعيد اسم> في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف اسم> في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح اسم> في الجنة رسم> وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها، كقوله: رسم> الحسن اسم> والحسين اسم> سيدا شباب أهل الجنة رسم> وقوله لثابت بن قيس اسم> رسم> إنه من أهل الجنة رسم> .
ولا نجزم لأحد من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من جزم له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكنا نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء، ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل، ونرى الحج والجهاد ماضيين مع طاعة إمام برا كان أو فاجرا، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة، قال أنس اسم> رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله عز وجل حتى يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار متن_ح> رسم> رواه أبو داود. حديث>
السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما ذكره - الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وكذلك عموم الصحابة رضي الله عنهم.
وسبب ذلك كما ذكرنا بالأمس طعن الرافضة في الخلفاء الثلاثة أبي بكر اسم> وعمر اسم> وعثمان اسم> وتكفيرهم لأكثر الصحابة، واشتهار هذا عنهم؛ اشتهار طعنهم في الخلفاء و.. لهم؛ وذلك لأن عليا اسم> رضي الله عنه لما كان في العراق اسم> كان يسير سيرة حسنة؛ فأحبه أكثر أهل العراق اسم> لحسن سيرته وحسن معاملته، وكذلك معاوية اسم> لما كان في الشام اسم> أحبه أهل الشام اسم> ؛ وذلك لسيرته الحسنة فيهم وتمسكوا به، ولما قتل عثمان اسم> استاء لذلك معاوية اسم> لأنه ابن عمه، ووافقه على ذلك أهل الشام اسم> فقالوا: لا بد أن نأخذ بثأر عثمان اسم> ثم حصلت الوقعات بين أهل الشام اسم> وبين أهل العراق اسم> وقُتل فيها خلق.
علي اسم> رضي الله عنه بقي في العراق اسم> يسير فيهم سيرة الخلفاء والسيرة الحسنة، ولما قتل رضي الله عنه، وبويع بعده للحسن اسم> رأى الحسن اسم> رضي الله عنه أن هذا مما يسبب كثرة الخلاف وكثرة القتال؛ فتنازل عن الخلافة لمعاوية اسم> وبايعه على حقن الدماء، فتمت البيعة من بعد ذلك لمعاوية اسم> ولكن كان يتهم عليا اسم> أنه ممن رضي بقتل عثمان اسم> ؛ فلم يكن يترضى عنه، مع أن الحسن اسم> اشترط عليه عدم السب وعدم الشتم.
وبعد موت الحسن اسم> كأنه صار يأمر بشتمه وبعيبه، وأخذ ذلك بنو أمية والخلفاء من بعده، فصاروا يسبون عليا اسم> رضي الله عنه، وبالأخص لما تولى الحجاج اسم> على العراق اسم> وبقي واليا عليه نحو عشرين سنة، فإنه كان يسب عليا اسم> على المنبر، ويأمر الخلفاء بلعنه، ولا شك أن هذا مما يغضب أحبابه الذين يحبونه، ويكون له في قلوبهم منزلة، فكانوا إذا سمعوا سباب هؤلاء الخطباء على المنبر يجتمعون بعد ذلك، ويتناقلون فضائل علي اسم> ولم يزالوا كذلك، ثم لم يقتصروا على الصدق، دخل معهم من يريد المبالغة في محبة علي اسم> وكذبوا؛ فصاروا يكذبون يختلقون أحاديث في فضائل علي اسم> ويجمعون من على شاكلتهم وعلى طريقتهم.
ولما أكثروا من ذكر تلك الأكاذيب التي ابتدعوها في فضائل علي اسم> صار أتباعهم ينكرون عليهم ويقولون: كيف تكون لعلي اسم> هذه الفضائل ومع ذلك لا تكون له الخلافة؟ وكيف يتقدم عليه أبو بكر اسم> وعمر اسم> وعثمان اسم> ؟ فلم يجدوا بدا من أن يختلقوا أكاذيب يطعنون بها في أبي بكر اسم> وعمر اسم> وعثمان اسم> ويدعون أنهم مغتصبون.
ثم تجاوزوا ذلك إلى أن طعنوا في الصحابة حتى يرضوا أتباعهم، فقالوا: إن الصحابة كتموا الخلافة، إن الصحابة كتموا الوصية، إن عليا اسم> هو الوصي، وإن هؤلاء جميعا لما بايعوا أبا بكر اسم> اعتبروا مرتدين، فتبرءوا من جميع الصحابة إلا أفرادا قليلين، فتوارثوا ذلك وسموا أنفسهم شيعة علي اسم> واشتهر ذلك في العراق اسم> اشتهر هذا الطعن في الخلفاء الراشدين وفي الصحابة في العراق اسم> عمدتهم على أكاذيب يقصدون بذلك الكذب أن يكثر أتباعهم، وأن يرضوا أتباعهم على ما هم عليه، وأن يبينوا لهم أن الحق معنا، وأننا صادقون فيما نقوله في أبي بكر اسم> وعمر اسم> وعثمان اسم> وبقية الصحابة، وأنهم ظلمة وخونة، وأنهم كتموا وكتموا.
فوقع في نفوس أتباعهم تصديقه، وخيل إليهم أن الصحابة كتموا الوصية، وأن عليا اسم> هو الوصي، وهو الأحق بالولاية، وهو الأحق بالخلافة، وأن جميع من وافقوا أبو بكر اسم> وبايعوه وبايعوا بعده الخلفاء أنهم ارتدوا؛ حيث كتموا هذه الوصية، وكتموا حق علي اسم> وبخسوا عليا اسم> حقه، هذا كله أثارهم عليه هؤلاء من الخلفاء أو من الأمراء الذين يشتمون عليا اسم> على المنابر، قالوا: نريد أن نذب عن علي اسم> ولكن تجاوزوا الحد إلى أن رفعوه فوق مقامه، وأعطوه فوق ما يستحقه، واختلقوا في فضائله أشياء كثيرة مذكورة في كتبهم.
وقد ناقشهم العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية اسم> رحمه الله في كتابه من أهل السنة النبوية في رده على ابن المطهر اسم> الذي سمى كتابه: من أهل الكرامة في تحقيق الإمامة ، وفيها أكاذيب يشهد كل ذي عقل أنها موضوعة لا أصل لها، سمعها أتباعه فصدقوه، وقالوا: هذه فضائل لا يلحقه فيها غيره، وليس أحد أفضل منه إلا الأنبياء، فكيف مع ذلك صار هؤلاء قبله واستخلفوا قبله؟
فلما ناقشهم أتباعهم في هذه الفضائل إذا كانت ثابتة؛ لم يجدوا بدا من أن يطعنوا في الخلفاء ويعيبوهم؛ حتى يقنع هؤلاء الأتباع، فكثر أتباعهم الذين يدعون أن الخلفاء الراشدين مغتصبون، ولم يزالوا كذلك، فكثر سب الصحابة.
لما كان في نحو سنة مائة وثمانية وعشرين خرج أحد أولاد علي بن الحسين اسم> واسمه زيد بن علي اسم> في آخر عهد خلفاء بني أمية، ودعا إلى نفسه ليكون خليفة، فجاءه أهل العراق اسم> الرافضة هؤلاء الغلاة فقالوا: نبايعك على أن تشتم أبا بكر اسم> وعمر اسم> وأن تلعنهما، وأن تتبرأ منهما، فتوقف في ذلك وقال: هما صاحبا جدي، فقالوا: لا نبايعك، قال: إذن ترفضوني أو قال: رفضتموني، أو قالوا: نحن نرفضك. فسموا رافضة.
كثروا بعد ذلك، ولما بايعه بعضهم على موالاة أبي بكر اسم> وعمر اسم> وعلي اسم> وعثمان اسم> وتبرءوا من بني أمية؛ سموا زيدية، أي: على معتقد زيد اسم> فهذا معتقد هؤلاء الرافضة وأصله.
كثر بعد ذلك في القرن الثاني والثالث سب الصحابة رضي الله عنهم من قبل هؤلاء الرافضة، وما زالوا يسبونهم إلى اليوم، وما زالوا يكتبون مساوئهم وينشرون مثالبهم ويسكتون عن محاسنهم، ولما كان كذلك اهتم علماء أهل السنة بذكر فضائلهم ورووها بالأسانيد الصحيحة، فالبخاري اسم> رحمه الله ذكر كتاب فضائل الصحابة ورتبهم، بدأ بالخلفاء بدأ بفضائل أبي بكر اسم> ثم عمر اسم> ثم عثمان اسم> ثم علي اسم> وهكذا أيضا مسلم اسم> في صحيحه، وهكذا الترمذي اسم> في سننه، وابن ماجه اسم> أيضا في مقدمة كتابه، وأخرجها الإمام أحمد اسم> في كتابه: فضائل الصحابة.
وسبب الاهتمام بها الرد على هؤلاء الذين تمكنوا وانتشروا وأعلنوا سب الصحابة بدون ذنب، وخيل إليهم أن الصحابة أكفر الناس، حيث إنهم كتموا ما يدعونه من الوصية والخلافة ونحو ذلك.
ولما قتل الحسين اسم> رضي الله عنه وكان في القرن الرابع؛ وسوس الشيطان إلى الرافضة أن يتخذوا اليوم الذي قتل فيه مأتما، وذلك بأنهم رووا فيه أحاديث وأكاذيب يجزم العقل بأنها كذب، فقالوا مثلا: أنه لما قتل احمرت السماء وبقيت مدة وهي حمراء، واحمرت الأرض وصاروا لا يقلبون حجرا إلا وجدوا تحته دما، وفعل كذا وكذا، ومع ذلك فإن هذه الأكاذيب راجت على بعض العلماء حتى ذكرها السيوطي اسم> في تاريخ الخلفاء مما يدل على عدم تثبته رحمه الله.
مسألة>